الملابس الخضراء
من الأدب التركي
الاستاذ جنيد السعاوي
ترجمة اورخان محمد علي
عندما قابلته في الطريق كان صوت الاذان يرن في الافاق . قلت له :
- تعال معي اصطحبك إلى الجامع ... فهذا اليوم كما تعلم يوم جمعة .
اجابني قائلا :
- انت تعلم بأني لا أذهب إلى الجامع
قلت :
- أعلم ... ولكني أتسائل عن سبب ذلك .
قال :
- لا أدري ... لا أستطيع ذلك ... قد يكون للمحيط وللبئية تأثير في ذلك ، ثم ان كي بنطالي يفسد ، ويظهر أثر في موضع الركبتين .
ابتسمت ابتسامة لا ارادية وقلت له :
- لا شك انك تمزح ... أيمكن ترك المجيء إلى الجامع لهذا السبب ؟!
قال :
- كلا لا أمزح ، وأنت تعلم كم انا مفتون بالاناقة وباللون الاخضر خاصة .
اجل! ... كان ما قاله صحيحا فقد كان يهتم باناقته جدا ، والغريب انه كان مغرما باللون الاخضر ، ويختار معظم ما يلبسه من درجات مختلفة في الغمق للون الاخضر .
سألته :
- حسنا ... ولكن ألم تذهب طوال حياتك إلى الجامع ؟
أجاب :
- في صغري ذهبت عدة مرات إلى الجامع مع جدي ، ولم أكن آنذاك قلقا على بنطالي . ولكني لم أعد أذهب إلى الجامع ، ولا اعتقد بانني سأذهب اليه في المستقبل .
اغتتمت من كلامه ، وندمت لاني فتحت هذا الموضوع معه. وبعد ان تصافحنا ودع أحدنا الاخر وسار كل في طريقه .
بعد هذا اللقاء بشهرين قيل لي بانه في الجامع . أسرعت إلى الجامع ... كان هناك في باحة الجامع وأمام الصف الاول من صفوف الصلاة ... كانت عليه ملابس خضراء ايضا ...
اقتربت منه وقلت له هامسا :
- ما هذا ؟! ... الم تقل لي بانك لن تأتي إلى الجامع ؟!
لم يجبني ، ولم ينبس ببنت شفة ... ذلك لانه كان فوق حجر المصلى داخل تابوت مغطى بقماش أخضر.
والمؤمن من اعتبر بغيره لا من اعتبر به غيره