حوار مع شهر رمضان المبارك
السلام عليكم ..أيها الشهر الكريم.. ورحمة الله وبركاته
... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته..ها أنا عدت إليكم شهراً كاملاً بعد غيابى
من أنت أيها السيد الوقور.. ؟
أنا ضيفكم الراحل ,وزائركم المؤقت ,وناصحكم الأمين ,أنا من أركان الاسلام وقبس من نور الإيمان
- أهلا وسهلاً بك ....ما اسمك أيها الضيف الزائر..؟
إسمى رمضان , إبن الزمان , وحفيد الأيام, وأخو شعبان
- كم يبلغ عمرك ..؟
عمرى ما يقارب من ألف وأربعمائة وتسعة وعشرون عام
من أين أتيت..؟
أتيث من عند الرحمن , الذى خلق الانسان وعلمه البيان
أين تسكن ..؟ يا حضرة الفاضل المحترم ؟
أسكن فى قلوب المؤمنين, وفى ديار المثقين , وبجوار المحسنين
هل تعانى من أزمة السكن كما نعانى منها نحن هذه الايام ..؟
نعم , لقد مررت بكل بيت وحللت بكل منزل , ودفعت أغلى الآثمان, فكان أن طردونى البخلاء الاشقياء , وتجاهلنى الآغنياء الآذلاء , وعبس فى وجهى التعساءالجهلاء
ولكنى لم أيئس , فقد بحثت عمن يحبوننى من المؤمنين المحسنين والأتقياء
وكم ستقيم عندنا ..؟
أياماً معدودات - تسع وعشرون أو ثلاثون بوما
ما هى مهنتك التى تمارسها فى ديار الاسلام ..؟
مهنتى هى الزراعة- الصناعة-الطب-والتعليم
*أما الزراعة : فإننى أغرس الايمان فى القلوب , وأزرع المحبة فى النفوس , وأبذر الاخلاق فى الطباع , وأسقيها بماء الطهر والإخلاص , وأغذيها بشهد الفضيلة والإحسان, فتنبث كل معانى الخير والإطمئنان. وتجنى ثمار الفلاح والنجاح.
كما أننى انزع شوك الحقد والغل والبغض من الصدور, وأقلع جذور الفساد والغش والحسد من النفوس, فتنتج المحبة والمودة والإخاء
ما أجمل هذه الزراعة وما أبركها...وما هى صناعتك التى تمارسها ...؟
إننى اصنع الاجسام القوية , والنفوس الأبية, والأرواح الزكية , وأصل بين ما تقطع بين الناس من أوصال , وأجمع
ما تفرق من أشتات , وأطهر الجميع من بوثقة العدل , والمساواة , فأنتج الأبطال الأقوياء, والرجال الأشداء على الأعداء الرحماء فيما بينهم
يالها من صناعة تدفع الأمة إلى الجهاد الذى به تقود العالم إلى الخير....وما هى تجارتك...؟
تجارتى لن تبور , فأنا أعطى الحسنات وأمحو السيئات , فمن تقابل معى ....ربح الجنة وفاز بالحياة , ومن تنكرلى وغش,خسر البركة والخيرات وحبطت أعماله,وكان من أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين
وما هو طبك ..؟
إننى أداوى الاجسام السقيمة , والنفوس المريضة , والعقول التائهة....فأبعد عنها كل ضعف وشح وشرك وأطهرها من أدران المادة ومن جراثيم الفساد والضلال
وماذا عن أدويتك وعلاجك ..؟
أدويتى هى الصيام والقيام وذكر الرحمن والعمل على طاعة الرحمن
وماذا تعلم الناس ..؟
أعلمهم أن يسلكوا طريق الرشاد , وأعودهم- الجود والأمانة والوفاء والصدق والصبر والتعاون والإخلاص
لقد عرفنا الكثير من مزاياك وازداد شوقنا إلى حديثك المفيد وكلامك الرشيد , فهل لنا أن تزيدنا من علمك وتعرفنا إلى المزيد من فوائدك..؟
نعم أنا شهر رمضان الذى أنزل فيه القرآن, أنا شهر الثوبة والغفران , أنا فى ليلة القدر التى هى خير من ألف شهر, من حرمها فقد حرم الخير كله , ولا يحرم خيرها إلا محروم, أنا الذى رافقت آباؤكم المسلمين فى معارك بدر واليرموك وحطين فأعطيتهم القوة والعزيمة , وعلمتهم الصبر والثبات فكان النصر حليفهم والخذلان حليف عدوهم
والآن وقد عرفناك جيداً و تذكرنا فضلك منذ القدم , أنت الذى تزورنا فى كل عام وتأتينا بالخير والبركات من خزائن الأرض والسماوات فأهلاً بك...وبمعانيك الخيرة ونفحاتك العطرة...ليتك تقيم عندنا الحياة كلها.......تسكن فى قلوبنا وتعيش مع أرواحنا
فيا ايها الشهر الكريم هل لك من شى تقوله أخيراً..؟
نعم , إننى أقول من صام رمضان إيماناً واحتساباً بارك الله صيامه وغفر له ما تقدم من ذنبه ,
ورزقه من الطيبات لتزدادو خيراً على خير, وبركة على بركة ,
أما أنتم أيها البخلاء الطامعون , والاغنياء اللاهون , والتجار المحتكرون , والمفطرون العابثون , فقد مررت بدياركم فوجدت أبوابكم مؤصدة وبيوتكم مقفلة , وقلوبكم خاوية , إلا من الطمع وحب المال والفساد والضلال , فلا خير فيما تجمعون ولا بركة فيما تكدسون